اصل الرياضيات العقل ام التجربة ؟

 هل المنهج الرياضي هو منهج خاضع للعقل مباشرة؟ و هل هو بمثابة فطرة يُولد الإنسان وهو مزود بها؟!  أم أنه منهج خاضع للمادية والتجريب ومكتسب من العالم الخارجي عن طريق التجربة الحسية؟! وهل القواعد الحاكمة لذلك المنهج من منطلق عقلي أم تجريبي حسي ؟!
أصحاب المنهج العقلي
قد يرى البعض من أصحاب المنهج العقلي أن الرياضيات تسبق كل معرفة تجريبية حسية؛ فهي موجودة في العقل البشرى منذ الولادة، ولا تكتسب عن طريق التجربة، فالنظر إلى الطبيعة؛ فإنها لا تحتوى على أرقام أو أعداد.
حتى عند الأطفال نجد أنهم يدركون بالفطرة قاعدة وهى أن الكل أكبر من الجزء ويمكن تطبيق ذلك بتجربة على بعض الأطفال. وبذلك فإن أصحاب ذلك المبدأ يميلون إلى أن الرياضيات في الأساس قائمة على الإدراك الفطري لدى الإنسان لا التجريبي.
ويقر بذلك المبدأ العديد من الفلاسفة مثل ديكارت وأفلاطون ويقول ديكارت في ذلك الحديث (أن الأعداد والأشكال الرياضية أفكار فطرية موجودة في النفس وهى أزلية) وبالتالي فالرياضيات علم قائم على العقل والتجريد والفطرة..
أصحاب المنهج التجريبي
قد يرى البعض الآخر من أصحاب المنهج التجريبي الحسي أن الرياضيات هي في الأساس علم حصولي من الخارج عن طريق الحواس. فالأفكار التي تأتى من الخارج والانطباعات هي معطيات للعقل من أجل التفكير.
ولتوضيح ذلك يتضح في هذا المثال؛ حيث أن الهندسة علم قائم بذاته وهو سابق لعلوم الجبر والحاسبات فنجد أن الإنسان القديم بدأ في استخدام الهندسة وذلك بعد جفاف مياه النيل ونقص مساحة الأراضي المزروعة. فبدأ التفكير في علم المساحة؛ وبالتالي فإن وجود الرياضيات في الأساس يعتمد على المعطيات وهو سابق ولا يمكن القول بأنه قائم على البديهيات العقلية فقط دون الرجوع إلى التجربة الحسية.
حل المشكلة
يمكن فك التشابك بين أصحاب المذهبين والإقرار بأن كلاهما يحمل جزء من الحقيقة وكلاهما ينطبق على الرياضيات. فالقواعد الحاكمة للرياضيات هي بديهيات عقلية ثابتة في الذهن بالفطرة، لكن من أجل استخدام تلك القواعد في أرض الواقع واستخدامها في العمليات الحسابية المختلفة؛ فإنه يجب استخلاص قوانين حاكمة لتلك القواعد عن طريق التجريب.
وبذلك نجد أن الرياضيات ورغم كل ما تتمتع به من التجريد إلا أنها لا تخلو من الجانب الحسى التجريبي من أجل الاستفادة من التطبيقات الرياضية، وبالتالي يمكن القول بأن المفاهيم الرياضية هي مفاهيم عقلية تُطبق في إطار الواقع المادي الحسي معبرًا عن التكامل بين العقل والحس من أجل الوصول إلى المعنى .
شذى الغامدي