نشأة الرياضيات
كان البابليون يمارسون كتابة الأعداد وحساب الفوائد ولاسيما في الأعمال التجارية في بابل منذ ثلاث آلاف السنين. وكانت الأعدادوالعمليات الحسابية تدون فوق ألواح الصلصال بقلم من البوص المدبب. ثم توضع في الفرن لتجف. وعرفوا الجمع والضرب والطرح والقسمة ولم يستعملوا اسلوب النظام العشري المتبع حاليا للاعداد، مما زادها صعوبة حيث كانوا يستعملون النظام الستيني الذي يتكون من ستينرمزا للدلالة على الأعداد من الواحد إلى التسع والخمسين. وما زال النظام الستيني متبعا حتى الآن في قياس الزوايا عند حساب المثلثات وقياس الزمن (الساعة تساوي ستين دقيقة والدقيقة تساوي ستين ثانية). وطور قدماء المصريين هذا النظام في مسح الأراضي بعد كلفيضان لتقدير الضرائب. كما كانوا يتبعون النظام العشري ، وهو العد بالآحاد والعشرات والمئات. ولكنهم لم يعرفوا الصفر. لهذا كانوا يكتبون500 بوضع خمسة رموز يعبر كل رمز على مائة.
وأول العلوم الرياضية التي ظهرت قديما كانت الهندسة لقياس مساحة الأرض، وحساب المثلثات لقياس الزوايا والميل في البناء. وكان البابليون يستعملونه في التنبؤ بمواعيد كسوف الشمس وخسوف القمر. وهذه المواعيد كانت مرتبطة بعباداتهم. وكان قدماء المصريين يستخدمونه في بناء المعابد وتحديد زوايا الأهرامات . واستعملوا الاعداد الكسرية وكذلك تحديد مساحة الدائرة بالتقريب.
تطور الرياضيات
وبناء على ما سبق فإن الرياضيات ظهرت بداية كحاجة للقيام بالحسابات في الأعمال التجارية، ولقياس المقادير، كالأطوال والمساحات،ولتوقع الأحداث الفلكية، ويمكن اعتبار الحاجات الثلاث هذه البداية للأقسام العريضة الثلاث للرياضيات، وهي دراسة البنية، والفضاء،والمتغيرات. وظهرت دراسة البنى مع ظهور الأعداد، وكانت بداية مع الأعداد الطبيعية والأعداد الصحيحة والعمليات الحسابية عليها، ثم أدتالدراسات المعمقة على الأعداد إلى ظهور نظرية الأعداد . كما أدى البحث عن طرق لحل المعادلات إلى ظهور الجبر التجريدي أو المجرد، وان الفكرة الفيزيائية للشعاع تم تعميمها إلى الفضاءات الشعاعية وتمت دراستها في الجبر الخطي .
وظهرت دراسة الفضاء مع الهندسة ، وبدأت مع الهندسة الاقليدية وعلم المثلثات ، في الفضائين الثنائي والثلاثي الأبعاد، ثم تم تعميم ذلكلاحقا إلى علوم هندسية غير أقليدية، لتلعب دورا في النظرية النسبية العامة.
إن فهم ودراسة التغير في القيم القابلة للقياس هو ظاهرة عامة في العلوم الطبيعية، فظهر التحليل الرياضي كأداة مناسبة للقيام بهذهالعمليات، حيث أن الفكرة العامة هي التعبير عن القيمة بتابع، ومن ثم يمكن تحليل الكثير من الظواهر على أساس دراسة معدل تغير هذاالتابع.
ومع ظهور الحواسيب، ظهرت العديد من المفاهيم الرياضية الجديدة، كعلوم قابلية الحساب، وتعقيد الحساب، ونظرية المعلومات،والخوارزميات. والعديد من هذه المفاهيم هي حاليا جزء من علوم الحاسوب.
حقل آخر هام من حقول الرياضيات هو الإحصاء، الذي يستخدم نظرية الاحتمال في وصف وتحليل وتوقع سلوك الظواهر في مختلف العلوم،بينما يوفر التحليل الرياضي طرقا فعالة في القيام بالعديد من العمليات الحسابية على الحاسوب، مع أخذ بنظر الاعتبار أخطاء التقريب.
مرّ علم الرياضيات بالعديد من المحطّات التاريخية، وساهمت العديد من الحضارات الإنسانية في تطوّره على مرّ العصور بدايةً من البابليين والمصريين، ومرورًا باليونانيين والصينيين والهنود، وانتهاءً بإنجازات المسلمين الهامّة في هذا المجال والتي اعتمدت عليها أوروبا لاحقًا، إلى جانب العلوم اليونانية بشكل أساسي، فقد عملت أوروبا في عصور النهضة والثورة العلمية على تقديم العديد من الإنجازات العلمية عمومًا والرياضية خصوصًا والتي لا زالت تُدرّس حتى وقتنا الحاضر ويُستفاد منها في فهم وتحليل المسائل التطبيقية
ديما الفضلي
تعليقات
إرسال تعليق